وكان ذلك في الكتاب مسطوراً، وجعل العلماء ورثة
الأنبياء، وكفى بربك هادياً ونصيراً، نحمده تعالى حمداً كثيراً، ونشكره عز وجل وهو
القائل :﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا
كَفُوراً ﴾ (الإنسان:3)
الحمد لله
الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، أحمده سبحانه وأشكره، رفع منار العلم
وأشاد بالعلماء والمتعلمين.
ثم أعقب حمده
هذا بدعائه، فقال: اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا
تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.. لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك، نستغفرك
لذنوبنا، ونسألك رحمةً، اللهم زدنا علماً، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا
من لدنك رحمةً، إنك أنت الوهاب.. اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا،
وزدنا علماً، الحمد لله على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل النار.. اللهم إنا
نسألك علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً.. اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا
التأويل.
أما بعد..
أيها الطلبة الطيبون.. لقد اختاركم الله لأشرف الأعمال وأجلها.. فأنتم طلبة العلم
الذين وردت الأخبار الكثيرة في فضلهم.. أنتم الذين قال فيهم ربنا :﴿ بَلْ
هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذينَ أُوتُوا العِلْمَ ﴾ (العنكبوت:
49)
وأنتم الذين
قال فيهم ربنا :﴿ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾
(الأنعام: 97)
وأنتم الذين
قال فيهم ربنا :﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ
وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إلا هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران:18). فشهد الله بنفسه على وحدانيته، وثنى
بخيار خلقه، فذكر الملائكة أولا، والعلماء ثانيا، وفي هذا من التكريم والتشريف ما
لا يعدله شيء.
وأنتم الذين
قال فيهم ربنا :﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (المجادلة:11)..
وهذا من باب ذكر الخاص بعد العام تنبيها على