نفسه، منزورا أكله، سهلا أمره، حريزا دينه، ميتة
شهوته، مكظوما غيظه. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون. إن كان في الغافلين كتب في
الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه، ويعطي من
حرمه، ويصل من قطعه.
بعيدا فحشه،
لينا قوله، غائبا منكره، حاضرا معروفه، مقبلا خيره، مدبرا شره. في الزلازل وقور،
وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب.
يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز
بالالقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من
الحق.
إن صمت لم
يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم
له.
نفسه منه في
عناء، والناس منه في راحة. أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد
عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه
بمكر وخديعة.
ما وصل
الثاني من حديثه لهذا الموضع حتى صاح الأول صيحة شديدة، كانت روحه فيها..
***
ما سرت إلا
قليلا حتى رأيت قوما مجتمعين على مائدة طعام، قال أحدهم: يا قوم اتقوا الله،
وإياكم أن تطعمونا شيئا مما حرم الله، فإن الحرام حجاب بين العباد وربهم، وقد قال a
:( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به
المرسلين، فقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَاعْمَلُوا صَالِحًا..(51)﴾ (المؤمنون)، وقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله إِنْ