تركت الرجل مع جمعه، ثم سرت، فلم ألبث أن رأيت جماعة
كلهم يحملون معاول ومناجل وغيرها من أدوات العمل إلا واحدا منهم، فقد كان يحمل بدل
ذلك مسبحة.. فاقتربت منهم، فسمعت صاحب المسبحة يقول لأصحابه: ألا ترون أنكم تضيعون
ما طلب منكم من تحصيل التقوى بهذه المعاول والمناجل.. لقد ضمن الله رزقكم، فلم
تسعون إليه، وتضيعون ما طلب منكم أن تسعوا فيه..
ألم تسمعوا
ما ورد في الآثار الصحيحة من قوله a في الحديث القدسي:
(قال الله: يا ابن آدم، تَفَرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل
ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك)[1] ؟
ألم تسمعوا
ما حدث به حَبَّة وسواء ابني خالد.. لقد قالا: أتينا رسول الله a وهو يعمل عملا أو يبني بناء فأعناه عليه، فلما فرغ دعا لنا وقال: (لا
تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة، ثم
يعطيه الله ويرزقه)[2] ؟
ألم تقرأوا
ما ورد في بعض الكتب الإلهية.. لقد جاء فيها: (يقول الله تعالى: ابن آدم، خلقتك
لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني؛ فإن وجدتني وجدت كل شيء،
وإن فُتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء)؟
ألم تسمعوا
ما قال الحكيم.. لقد قال: (اجتهادُكَ فيما ضَمِنَ لكَ وتقصيرُكَ فيما طَلَبَ
[1]
رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن غريب.