بعد أن أنهى
الرجل موعظته قال له رجل كان يحمل مسحاة: بورك فيك يا أخانا، فإنك لم تأل جهدا في
نصحنا، ولكنا قوم بدأنا بما ذكرت، وقد آلينا على أنفسنا ألا نحرك جوارحنا إلا في
عبادة الله.. فمن العار على الجوارح التي أبدع الله صنعها ألا تتحرك في طاعة
مولاها.
ابتسم صاحب
المسبحة، وقال: ولكن قولك يخالف فعلك.. كيف تقول ذلك، وأنا لا أرى في يدك مسبحة،
بل أرى فيها مسحاة.. فهلا استبدلت المسحاة بالمسبحة حتى يطابق قولك فعلك.
قال الرجل:
أرأيت إن أمرك الله أن تحمل المسحاة.. واعتبر ذلك من العبودية.. ألن تصبح المسحاة
بذلك مسبحة؟
قال صاحب
المسبحة: أجل.. ولكن دون إثبات ما تقول خرط القتاد..
قال الرجل:
لقد وردت النصوص المقدسة الكثيرة تدعو إلى العمل، وتعتبره عبادة لا تقل عن أي
عبادة.. بل ورد فيها ما يعتبر طالب الحلال كالمجاهد الصائم القائم..
لقد قال
تعالى يقرن بين العمل والجهاد :﴿.. وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ
يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..(20)﴾
(المزمل)
وفي الآثار
الصحيحة الكثيرة ما يدل على الأجور العظيمة التي ينالها أصحاب المساحي والتي قد لا
ينالها أصحابها المسابح.. لقد قال a في فضل إحياء
الأرض:( ما من امرئ يحي أرضا فتشرب منها كبد حرى أو تصيب منها عافية إلا كتب الله
تعالى له به جرا)[1]
وقال في أجر
من أحيا أرضا ميتة: ( من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو
له صدقة )[2]