قال آخر: وقد سئل أحمد، فأجاب بقوله:( ترك ما تهوى
لما تخشى)
قال آخر:
وسئل الجنيد عنها، فقال:( لا تنافر فقيرا ولا تعارض غنيا)
قال آخر:
وسئل الحارث المحاسبي عنها، فقال:( الفتوة أن تنصف ولا تنتصف)
قال آخر:
وسئل عمر بن عثمان المكي، فقال:( الفتوة حسن الخلق)
قال آخر:
وسئل الدقاق عن كمال الفتوة، فقال:( هذا الخلق لا يكون كماله إلا لرسول الله a،
فإن كل أحد يقول يوم القيامة نفسي نفسي، وهو يقول أمتي أمتي)[1]
قال الرجل:
فهلا حدثتموني من أخبار الفتيان ما يملؤني رغبة في سلوك سبيلهم.. وابدأوا لي بما
روي عن تغافلهم عن عيوب الغير وأخطائهم.. فإن ذلك من خصال المروءة العظيمة.
قال أحدهم:
لقد ذكروا من أخبار هذا الباب أن رجلا من الفتيان تزوج امرأة، فلما دخلت عليه رأى
بها الجدري، فقال: اشتكيت عيني، ثم قال: عميت، فبعد عشرين سنة ماتت، ولم تعلم أنه
بصير، فقيل له في ذلك، فقال:( كرهت أن يحزنها رؤيتي لما بها)، فقيل له:( سبقت
الفتيان)
قال آخر:
ومثل ذلك ما روي أن امرأة سألت حاتما عن مسألة، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك
الحالة، فخجلت، فقال حاتم:( ارفعي صوتك)، فأوهمها أنه أصم، فسرت المرأة بذلك،
وقالت:( إنه لم يسمع الصوت) فلقب بحاتم الأصم.
قال آخر:
واستضاف رجل جماعة من الفتيان، فلما فرغوا من الطعام خرجت جارية تصب الماء على
أيديهم، فانقبض واحد منهم، وقال:( ليس من الفتوة أن تصب النسوان الماء على أيدي
الرجال)، فقال آخر منهم:( أنا منذ سنين أدخل إلى هذه الدار، ولم أعلم أن امرأة