قال: سر في هذه الجنان، وسترى المجاهدين، وتعرف الجهاد الحقيقي الذي وردت جميع النصوص المقدسة بفضله.
***
سرت في تلك الجنان، وكان أول ما صادفته رجل جرح جراحا شديدة، قد أصابت مقاتله، وقد وقف بجنبه رجل آخر، وهذا بعض ما دار بينهما من حوار:
قال الأول: الحمد لله.. أنا أشعر براحة عظيمة.. فقد أديت ما أمرني الله به من جهاد الظلمة.. وأنا الآن في غاية الشوق إلى لقاء الله.
قال الثاني: بورك فيك – يا أخي – لقد رأيتك، ورأيت المواقف البطولية التي وقفتها، وأنت تنقذ ذلك الطفل وأمه من براثن الظالمين.
قال الأول: أنا لم أفعل إلا ما أمرني الله به.. لقد قال الله تعالى يعاتب المتخلفين عن نصرة المستضعفين :﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)﴾ (النساء)، وقال :﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)﴾ (الحج)
قال الثاني: بورك فيك.. وأنا أعجبك من دقة حفظك لكلام ربك رغم ما نزل بك.
قال الأول: والله – يا أخي- ما تحركت إلا بتحريك الله.. وما حركني إلا ما قرأته لك من القرآن الكريم.. وأنا لم أخرج بطرا ولا لصا، بل خرجت لنصرة العدالة والحق في وجه