قال الرجل:
فحدثنا عن الصنف الأول.. أولئك الذين غرتهم الحياة الدنيا.
قال الجيلاني:
الذين غرتهم الحياة الدنيا هم الذين قاسوا هذه الأقيسة الفاسدة، فقالوا: النقد خير
من النسيئة.. ولذات الدنيا يقين.. ولذات الآخرة شك!!.. ولا يترك اليقين بالشك..
وكل هذا قياس
فاسد.. وهو نفس قياس إبليس عندما قال :﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي
مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)﴾ (الأعراف).. فظن أن الخيرية فى
النسب..
قال الرجل:
فما البلسم الذي يعالج به هذا النوع من الغرور؟
قال الجيلاني:
يعالج هذا الداء ببلسمين: بلسم التصديق، وبلسم البرهان.
قال الرجل:
فما بلسم التصديق؟
قال الجيلاني:
التصديق هو أن يصدق ما ورد في النصوص المقدسة المخبرة بأن الآخرة خير من الدنيا،
وذلك كقوله تعالى :﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ
لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)﴾ (النساء)، وقوله مخبرا عن
مؤمن آل فرعون:﴿ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ
سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا
مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39)﴾ (غافر)
وفي الحديث
قال رسول الله a :( لو كانت الدنيا تعدل عند
الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)[1]
وقال a:
(ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بماذا