سألت صاحبي عن الصوت، وصاحبه، وعن هذه الكلمات
الغريبة التي ينطق بها، فقال: هذا رجل من أهل الله آلى على نفسه ألا يسمع إلا من
الله، وألا يخاطب إلا الله، وقد أوقفه الله مواقف جليلة، وخاطبه مخاطبات رفيعة
ممتلئة بالقداسة.
قلت: خاطبه..
أهو الكليم إذن؟
قال: تقدس الله
أن لا يكلم إلا واحدا من خلقه.
قلت: ولكن الله
ذكر أنه كلم موسى تكليما، واعتبر ذلك من مزاياه.. قال تعالى:﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا
(164)﴾ (النساء)
قال: ذلك تكليم
الأنبياء، وهذا تكليم الأولياء.
قلت: ولكن
الأنبياء يتلقون الوحي.
قال: والأولياء
يتلقون الإلهام.. ألم تسمع قوله تعالى، وهو يخاطب أم موسى u؟
قال: أترى أن
أم موسى u أكرم على الله من أولياء أمة محمد a؟
لم أجد ما
أجيبه به، فقلت: فمن الرجل؟
قال: هذا
الرجل يقال له عبد الجبار النفري[1].. ولا نعرف عنه إلا مواقفه مع ربه، ومخاطباته معه.
قلت: ذرنا
نسمع شيئا منها.. فإني أشعر أن لحديثه من الحلاوة ما يملأ القلوب، وما تسمو به
الأرواح.
عدنا إلى
التنصت عليه، فسمعته يقول: يا
عبد أنا الناطق وما نطقي النطق، وأنا الحي
[1] أشير به إلى العارف الكبير أبي عبد
الله محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري (ت 354 هـ)، من كبار الصوفية.. ينسب إلى
بلدة (نفر) بين الكوفة والبصرة..من كتبه (المواقف) و(المخاطبات) ومنهما اقتبسنا
بعض المعاني الواردة هنا.