قلت:
عرفت أسرار العداوة والصداقة والسنن.. فحدثني عن أسرار الأقدار، وعلاقتها بأسرار
الحياة.
قال:
بعد أن عرفت أسرار السنن الإلهية، سرت باحثا عن السر الرابع من أسرار الحياة.. سر
الأقدار.. ذلك السر الذي أشار إليه قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (القمر:49)، وقد عرفته بفضل الله في مدينة من المدن،
دخلت إليها بعد خروجي من مدينة السنن، وقد عجبت للصراع الدائر بين أهلها حول الجبر
والاختيار، فقد كان أول سؤال سألني عنه من استضافني فيها قوله لي: ما تقول في الإنسان،
وهل هو مجبر، أم مخير؟
ومع
كونه عاميا بسيطا إلا أنه قالها لي بكل حماسة، وكأن الإجابة عنها هي التي تحدد
موقفه مني، وبما أني كنت في ذلك الحين في غاية الإرهاق؛ فقد رحت أحتال عليه للفرار
من الإجابة، لأني لم أكن أعلم أي فريق يشجع، هل هو الفريق الذي يقول بالتسيير
والجبر، أم الفريق الذي يقول بالحرية والاختيار.
لكني
في الصباح الباكر، عرفت ميله إلى الجبر؛ فقد كان ينسب كل شيء لله، حتى تقصيره
وتفريطه.. ومع أنني لم أكن أتجسس عليه، إلا أنني عرفت ذلك من حديثه مع أهله؛
فعندما طلبوا منه بعض الأمور، قال لهم: لا يمكنني أن أفعل ذلك.. فلو أن الله أذن
فيه وقدره، لقدره أول مرة حين ذهبت أحاول الحصول عليه، لكني لم أنجح، لأن الله لم
يقدر لي ذلك، وما كان علي أن أعترض على مقادير الله.
قالت
أهله: الملوم أنت في ذلك اليوم، لأنك لم تعطهم الوثائق التي طلبوها، وقد سلمتها لك
قبل ذهابك، لكنك رفضت أخذها.. وقلت لي: لا يحتاج الله إلى