قال:
لم تكن وفاتهما إلا رحلة عن المدينة التي تسكنون فيها إلى هذه المدينة الجديدة
التي تراها.. فالله ما خلق خلقه للفناء، وإنما خلقهم للبقاء، ألم تسمع قول الشاعر:
خلق الناس للبقاء فضلت
أمة يحسبونهم للفناء
إنما ينقلون من دار أعمال
إلى دار شقوة أو رشاد
قلت:
بلى.. وقد سمعت معه القرآن الكريم، وهو يحدثنا عن البقاء.. وأنه مصير كل الخلائق..
لكني أسأل عن هذا الذي أراه.
قلت:
بلى.. وقد سمعت معها قوله تعالى: ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ
عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴾ [مريم: 76]
قال:
فهذا الكوخ، وذاك القصر كلاهما يمثلان الباقيات الصالحات، والباقيات الموبقات..
قلت:
هل تقصد أنهما ثمار للأعمال التي كان يقوم بها صديقاي في الدينا.
قال:
بل هي تجسيد لأعمالهما.. فقد كان أحدهما يرسل في كل لحظة حشرة من الحشرات التي
تقززت منها، وكان الآخر يرسل في كل لحظة لبنة من لبنات القصر الذي أعجبت به.
قلت:
هل تقصد أن مصير ذلك الصديق المسرف على نفسه هو هذا الكوخ، وأن مصير ذلك الصديق
المحسن هو هذا القصر؟
قال:
لم أقصد هذا.. فأعمالهما أكبر من أن يبنى بها كوخ أو قصر.. إنما هذه