قلت:
بلى.. فأخبرني .. كيف واجهت الملائكة عليهم السلام لأول مرة.. ألم يصبك الفزع؟
قال:
وكيف يصيبني الفزع، وأنا في كل حياتي كنت مصاحبا لهم، مشتاقا للالتقاء بهم.. وقد
شرفني الله تعالى بذلك.. آه يا صديقي العزيز لو رأيت جمالهم ولطفهم وأنوارهم، إنها
وحدها كافية لتمسح عنك كل الآلام.
قلت:
فهل حدثتهم؟
قال:
وكيف لا أحدثهم.. لقد تعاملوا معي بكل لطف.. وقد رأيت كل ما ذكره ربي من أنوار
وروح وريحان.. وأنواع الجمال التي لا يمكنني أن أعبر عنها.. فاللغة التي كنا نتحدث
بها لا يمكنها أن تصف هذا العالم الذي نعيشه.
قلت:
أنت تسكن الآن في هذا القصر؟
قال:
هذا مجرد قصر واحد من قصوري.. وأنا أتردد إليه أحيانا.. لكني معظم أوقاتي أقف أمام
باب الجنة لأشاهد فيها (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)[2]
قلت:
لقد سمعت في بعض الأحاديث أن أرواحكم (في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش،
تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل)[3]
قال:
الله أكرم من أن يضع أرواحنا في جوف الطيور.. بل نحن نسرح في الجنة
[1]
رواه
أحمد (7953)، والترمذي (1668)، والنسائي (3161)، وابن ماجة (2802)، وابن حبان
(4655)، والبيهقي (18525)