قلت: فكيف تؤولها.. وهي واضحة صريحة.. أم أنك ستعود
بي إلى أنها أقوال ليوحنا؟
قال: لن أعود بك إلى ذلك.. فللحق من الأدلة ما لا
يعوزنا إلى التكرار.
فلنبدأ بأول كلمة.. وهي كلمة (البدء )؟.. ما معنى
كلمة (البدء )؟
قلت: هي الأزل الذي لا بداية له.
قال: ولكنها لم ترد في الكتاب المقدس بهذا المعنى
فقط.. بل وردت بمعان أخرى:
فقد وردت للدلالة على وقت بداية الخلق والتكوين كما
ورد في سفر التكوين :( في البدء خلق الله السموات والأرض )(التكوين1/1)
ووردت للدلالة على وقت نزول الوحي، كما في قول متى:
(ولكن من البدء لم يكن هذا) (متى 19/8)
ووردت للدلالة على فترة معهودة من الزمن كما في قول
لوقا :( كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء )(لوقا 1/2)، أي في أول رسالة
المسيح..
بل ورد مثل ذلك من قول يوحنا، فقد قال:( أيها الإخوة
لست أكتب إليكم وصية جديدة بل وصية قديمة كانت عندكم من البدء. الوصية القديمة هي
الكلمة التي سمعتموها من البدء) (يوحنا (1) 2/7).
ومثل ذلك قوله :( ولكن منكم قوم لا يؤمنون.لأن يسوع
من البدء علم من هم الذين لا يؤمنون ومن هو الذي يسلمه )(يوحنا6/64).
وعلى هذا فلا يجوز اعتبار هذه الكلمة يراد بها
الأزل.
قلت: لا.. في هذا المحل لا يفهم منها إلا الأزل.
قال: بأي قرينة فهمت ذلك؟
قلت: بقرينة الأقوال الأخرى التي ذكرتها.. فهي تفسر
المراد بالبدء.