ومع ذلك، فلو كان المسيح أقدم من
إبراهيم وسائر المخلوقات، فإن له لحظة بداية خُلق فيها، كما لكل مخلوق بداية، وقد
ذكر بولس هذا فقال:( الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة )(كولوسي 1/15)،
وبكر الخلائق أي أولها، وذلك يستدعي كونه مخلوقا.
صمت، فقال: أتعرف ملكي صادق كاهن ساليم في عهد
إبراهيم؟
قلت: وكيف لا أعرفه، وقد أثنى عليه بولس ثناء حسنا
لم يحظ به غيره؟
قال: ألا يخبر بولس أن لا أب له ولا أم، وأنه لا
بداية له ولا نهاية؟
أدركت ما يرمي إليه، فقلت: أجل.. لقد قال عنه:( ملكي
صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي…بلا أب، بلا أم، بلا
نسب، لا بداءة أيام له، ولانهاية حياة، بل هو مشبه بابن الله، هذا يبقى كاهناً إلى
الأبد)(عبرانيين 7/1-3)
قال: فلم لا تقولون بألوهية ملكي صادق الذي يشبه
بابن الله.. بل هو متفوق على المسيح الذي تذكرون أنه صلب ومات، وله أم بل وأب حسب
ما أورده متى ولوقا، في الحين الذي يتنزه فيه ملكي صادق عن ذلك كله؟
صمت، فقال: دعنا من ملكي صادق وهيا بنا إلى سليمان
ألم يقل عن نفسه :( أنا الحكمة أسكن الذكاء، وأجد معرفة التدابير…الرب قناني أول طريقه، من قبل أعماله منذ القديم، منذ
الأزل مسحت، منذ البدء، منذ أوائل الأرض، إذ لم يكن ينابيع كثيرة المياه، ومن قبل
أن تقرر الجبال أُبدئت، قبل التلال أبدئت )(الأمثال 8/12-25).
قلت: لعله يشير هنا إلى المسيح.
قال: لا.. أنت والجميع تدركون أنه يشير به إلى
نفسه.. فسليمان هو الموصوف بالحكمة في الكتاب المقدس، كما في سفر الأيام:( مبارك
الرب إله إسرائيل الذي صنع السماء والأرض، الذي أعطى داود الملك ابناً حكيماً صاحب
معرفة وفهم، الذي يبني بيتاً للرب وبيتاً لملكه )(أيام:2/12)
بينما لم تطلق الحكمة أصلاً على المسيح، ولم يختص
بها، فلا وجه في الدلالة على ألوهية