قلت: إن يوحنا وضح المراد من الكلمة، فيقول:( وكان
الكلمة الله)، فقد أطلق عليه اسم الله.
قال: فقد أطلق هذا الاسم على غير المسيح.. فهل
تعتبرون كل من أطلق عليه هذا الاسم إلها؟
لقد أطلق على القضاة في العهد القديم هذا الاسم، فقد
ورد فيها :( الله قائم في مجمع الله. في وسط الآلهة يقضي. حتى متى تقضون جوراً
وترفعون وجوه الأشرار) (المزمور82/1).. ورد في سفر الخروج (22: 8 ):( وإن لم يوجد
السارق يقدم صاحب البيت إلى الله ليحكم، هل يمد يده إلى ملك صاحبه) فقوله: إلى
الله، أي: إلى القاضي.. وورد في نفس السفر (22: 9 ):( في كل دعوى جنائية من جهة
ثور أو حمار أو شاة أو ثوب أو مفقود ما، يقال: إن هذا هو، تقدم إلى الله دعواها،
فالذي يحكم الله بذنبه يعوض صاحبه باثنين )، فقوله إلى الله، أي: إلى القاضي نائب
الله..
وأطلق لفظ الله على الملك، كما ورد في سفر القضاة
(13: 21، 22 ):( وَلَمْ يَتَجَلَّ مَلاَكُ الرَّبِّ ثَانِيَةً لِمَنُوحَ
وَزَوْجَتِهِ. عِنْدَئِذٍ أَدْرَكَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. فَقَالَ
مَنُوحُ لاِمْرَأَتِه نموت موتاً لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ) وواضح أن الذي
تراءى لمنوح وامرأته كان الملك.
وأطلق على الشرفاء في قول داود :( أحمدك من كل قلبي،
قدام الآلهة أرنم لك )(138/1)وأطلق على الأنبياء كموسى في سفر الخروج (7: 1) :(
قال الرب لموسى: انظر أنا جعلتك
[1] نص
المفسرون على أن معنى تسمية المسيح كلمة الله هو أن الله تعالى قد خلقه بالكلمة،
وهي ( كن )، وأن الكلمة نفسها ليست ذات المسيح، فالمسيح مخلوق بالكلمة وليس هو
الكلمة.
وهذا
ما يدل عليه قوله تعالى:) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي
وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ((آل
عمران : 47)
فقد
بينت هذه الآية الكريمة أنه لما تعجبت مريم ـ عليها السلام ـ من ولادة هذا الولد
من غير أب أجابها الملاك مقرراًً أن الله تعالى يخلق ما يشاء، فإذا قضى أمراً
فإنما يقول له كن فيكون، فدل ذلك على أن هذا الولد مما يخلقه الله بقوله ( كن
فيكون )
ويدل
على هذا كذلك قوله تعالى:) إِنَّ مَثَلَ
عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ
كُنْ فَيَكُونُ((آل عمران:59)