نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 171
والمساكين، ثم تجد كل ما قمت به بعد ذلك سرابا لا قيمة له،
كما قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ
هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: 23]
فالآية الكريمة لا تدعونا إلى التوقف عن عمل الخير، ولكنها
تدعونا إلى التأسيس الصحيح له، حتى يكون نافعا لنا، ولمن قدمنا لهم ذلك الخير،
وحتى لا تتسبب تلك الأمراض النفسية في تشويه ذلك الخير، وتحويله إلى شر.
ولذلك كان تفعيلك لتلك النصوص المقدسة التي تحذر من الرياء،
وتبين عواقبه، وعدم تعطيلك لها هو الأساس الأول الذي ينطلق منه العلاج..
ذلك أن تلك الخشية والرهبة تجعلك حذرا ممتلئا بالمخافة مثلما
يحذر صاحب الأموال الكثيرة أن يشعلها بعود ثقاب واحد يضعه عليها..
وهكذا هو نفسه حال المرائي الذي يجمع الجبال من الحسنات، ثم
يرمى عليها أعواد ثقاب الرياء، لتشتعل جميعا، وفي طرفة عين.
بل إن الأمر أخطر من ذلك، فالمرائي لا يحبط عمله فقط، وإنما
تمتد تلك النار إليه لتحرقه أيضا.. ذلك أن تقديمه لرؤية الخلق على رؤية ربه ليست
سوى صورة من صور الشرك، وقد أخبر الله تعالى أنه﴿ لَا يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ
بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]
وقد ورد في الحديث ما يدل على ذلك صراحة، فقد قال a: (من صلّى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدّق
يرائي فقد أشرك)([196])
ولذلك يطالب المراؤون يوم القيامة بأن يذهبوا إلى شركائهم
ليأخذوا منهم أجورهم، مثلما يخاطب المشركون تماما، كما قال تعالى: ﴿وَقِيلَ
ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ