أعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أنك
ستورد لي ما ورد في القرآن الكريم في حق مرتكبي الفاحشة، وكيف أمرنا بالغلظة
عليهم، كما قال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي
دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]
فاعلم أن هذه الآية الكريمة تدعو
إلى حفظ الأعراض والتشدد فيها، وعدم اللين مع مشيعي الفواحش، حتى يحفظ المجتمع من
كل مظاهر الانحراف، وهي بذلك ليست قسوة مجردة، وإنما هي قسوة تربوية، وهي التي
قصدها الشاعر بقوله:
وقسا ليزدجروا ومن يك راحما
***
***
فليقس أحيانا على من يرحم
ومما يدلك على هذا ما
ورد في الحديث من
قوله a لأصحابه بعد إقامة الحد على
بعضهم: (بكتوه)، فأقبلوا عليه يقولون: ما اتقيت الله، ما خشيت الله، وما استحييت
من رسول الله a، فلما
انصرف قال بعض القوم: (أخزاك الله)، فقال رسول الله a: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا الشيطان على أخيكم.. ولكن قولوا:
اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) ([243])
وإياك بعد هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ أن تقوم بفضحه؛ فإن في ذلك إشاعة للفاحشة، وقد قال رسول الله a: (من ستر أخاه المسلم في
الدنيا، ستره الله في الدنيا والآخرة) ([244])،
وقال: (من رأى عورة فسترها، كان كمن استحيا موءودة من قبرها) ([245])، وقال: (من ستر عورة أخيه المسلم
ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله