نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 230
فتذكر عند غضبك ـ أيها المريد
الصادق ـ هذان الملكان اللذان توليا الدفاع عنك والثناء عليك، ولا تجعلهما يرتفعان
بسبب طيشك أثناء غضبك.
وإن نازعتك نفسك وذكرت لك أنك
بشر، وأن للغضب حدودا، وأن من استغضب فلم يغضب فهو حمار، فذكرها بتلك النماذج التي
جعلها الله حججا على خلقه، يقتدون بها، ويسلكون سبيلها، ومنهم المسيح عليه السلام،
فقد روي أنه مرّ بقوم من اليهود فقالوا له شرّا، فقال لهم خيرا، فقيل له: (إنّهم
يقولون شرّا وأنت تقول خيرا؟) فقال: كلّ واحد ينفق ممّا عنده.
ومنهم رسول الله a سيد الحلماء الرحماء، وقد حدث
أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله a وعليه رداء نجرانيّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيّ فجبذه بردائه
جبذة شديدة. نظرت إلى صفحة عنق رسول الله a وقد أثّرت بها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ قال: يا محمّد!
مر لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله a فضحك ثمّ أمر له بعطاء) ([287])
ومنهم الإمام الحسن؛ فقد روي أن شامياً
رآه راكباً، فجعل يلعنه والحسن لا يرد، فلما فرغ أقبل الحسن إليه يبتسم في وجهه
وقال: (أيها الشيخ، أظنك غريباً، ولعلك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا
أعطيناك، ولو استرشدنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك،
وإن كنت طريداً آويناك وإن كانت لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت
ضعيفاً إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأن لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً،
ومالاً كثيراً).. فلما سمع الرجل كلامه بكى ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه..
الله أعلم حيث يجعل رسالته... كنت أنت وأبـوك أبغض خلق