وثالثها مؤسسة الأسرة والعائلة،
والتي كنى الله تعالى عنها بذي القربى، ذلك أنها من أهم المؤسسات التي تساهم في
توجيه الإنسان وتربيته والحفاظ على فطرته السليمة، كما قال a: (كل مولود يولد على الفطرة - وفي رواية: على هذه الملة - فأبواه
يهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من
جدعاء)([785])
ولهذا ورد في القرآن الكريم التوجيهات
الكثيرة المرتبطة بالأسرة، والأسس التي تقوم عليها، وكيفية حل الخلافات بين
أفرادها، وكل ذلك لتوفير البيئة المناسبة لتحقيق التقوى.
ولهذا كله قدم الله تعالى الدعوة
لتحقيق هذه المؤسسات على ذكره للمثالب ومنابعها، فقال: ﴿نَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
[النحل: 90]، ذلك أن الوقاية خير من العلاج.
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاسمع لما سأحدثك عنه من علاج الفحشاء والمنكر، ذلك أني أرسلت لك رسائل
سابقة حول البغي، وكيفية علاجه، ويمكنك أن ترجع إليها في ذلك.
الفواحش وعلاجها:
أما الفواحش ـ أيها المريد الصادق
ـ فهي من أمهات الرذائل التي تحجب عن الحق، وكل القيم الطيبة المرتبطة به، ذلك أن
الواقع فيها، والمدمن عليها، يختصر الحياة في تلك البهيمية التي يتصور أنها غاية
الحياة ومنتهاها، ولذلك كانت السبب الأكبر في كل خراب