نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 497
من البلاء، وأن حزنك ليس لما فاتك
منها، أو ما قد يفوتك، وإنما لتفريطك في حق ربك، وفي بعض تلك المخالفات التي وقعت
فيها، وخشيت أن ترديك، أو تسخط ربك عليك.
فلا تحزن، ولا تيأس.. فربك أرحم
وأكرم من أن يعاقبك على ذنب ندمت عليه، ورجعت إليه فيه، وقد قال مخاطبا المسرفين
على أنفسهم: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]
وقد شبه رسول الله a فضل الله على عباده المقبلين
عليه تشبيها رمزيا، فقال: (للّه
أشدّ فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل بأرض دوّيّة([852])
مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت؛ فطلبها حتّى أدركه
العطش، ثمّ قال: أرجع إلى مكاني الّذي كنت فيه، فأنام حتّى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت،
فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشّد فرحا بتوبة العبد
المؤمن من هذا براحلته وزاده)([853])
وقرب ذلك المعنى في حديث آخر، فقال: (إنّ
الله خلق الرّحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في
خلقه كلّهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكلّ الّذي عند الله من الرّحمة لم ييأس
من الجنّة، ولو يعلم المسلم بكلّ الّذي عند الله من العذاب لم يأمن من النّار)([854])