ولهذا؛ فإن ما يحصل لنفسك من يأس وقنوط
ليس من الله، وإنما من الشيطان، قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ
الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ
وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ&﴾ [البقرة: 268]
وقد ذكر الله تعالى في الحديث
القدسي فضل حسن الظن به، ودوره في تفريج الكروب، فقال: (أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا
معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأهم
خير منهم، وإن تقرّب منّي شبرا تقرّبت إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقرّبت
منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) ([859])
وفي حديث قدسي آخر قال الله تعالى: (لا يتّكل العاملون
على أعمالهم الّتي يعملونها لثوابي فإنّهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم في عبادتي
كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي
والنعيم في جنّاتي ورفيع الدّرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي
فليرجوا وإلى حسن الظنّ بي فليطمئنّوا، فإنّ رحمتي عند ذلك تدركهم ومنّي يبلغهم
رضواني ومغفرتي تلبسهم عفوي فإنّي أنا الله الرّحمن الرّحيم وبذلك تسمّيت)([860])
وقال a: (والّذي لا إله إلّا هو ما أعطي مؤمن قطّ خير الدّنيا والآخرة
إلّا بحسن ظنّه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكفّ عن اغتياب المؤمنين، والّذي لا
إله إلّا هو لا يعذّب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنّه بالله
وتقصيره من رجائه وسوء خلقه