قال: نعم.. أنتم لا ترون إلا جزءا بسيطا من السماء الدنيا،
وهي لا تساوي شيئا أمام ملك الله الواسع.
قلت: لقد ورد في النصوص ذكر الكرسي، وهو خلق غير السموات
والأرض، بل أخبر تعالى أنه أوسع منهما، قال تعالى:﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (البقرة:255)
قال: ومع ذلك، فإنه لا يساوي شيئا أمام العرش[1]، فعن أبي ذر الغفاري أنه سأل
النبي a
عن الكرسي، فقال رسول اللّه a: (والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند
الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك
الحلقة)[2]
قلت: ولكن الله مع ذلك يخاطب عباده بما تعيه عقولهم.
قال: ليقرب لهم الحقيقة التي لا يمكن تقريبها.. لأن
تقريبها يؤدي إلى التشبيه، والله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى:11)
قلت: ولهذا يضرب الله تعالى المثل على قدرته بإمساك
السموات والأرض وحفظهما، تقريبا لعظمة القدرة من القلوب، وإلا فإن قدرة الله لا
نهاية لها، ولا حدود تحدها، ألم تسمع قوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ
بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ (فاطر:41)
قلت: لقد أخبر تعالى أنه لا يؤوده ولا يثقله حفظهما، قال تعالى:﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ﴾
(البقرة:255)
وعندما افترى الغافلون من اليهود ما افتروا على الله من
ركونه إلى الراحة بعد خلق
[1] النصوص الكثيرة تدل على
أن العرش مخلوق يدار الكون منه بأمر الله تعالى ، فهو أشبه بـ (سنترال) الكون، وليس
كما يتصورالمشبهون أنّه مكان يجلس عليه الله تعالى !