السموات والأرض[1] رد عليهم قائلا:﴿
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ (قّ:38)
وعندما تعجب الغافلون من إمكانية إحياء الموتى بعد أن
يصبحوا رمما بالية، رد عليهم الله تعالى بقوله تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ
الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (الروم:27)
قال: سبب ذلك أن هؤاء المتعجبين قارنوا قدرتهم بقدرة الله،
وعلمهم بعلم الله، ونسوا أن ينظروا إلى أنفسهم ليروا الآيات العظيمة التي ينطوي
عليها وجودهم، فلذلك نرى القرآن الكريم ينبه كثيرا إليها، قال تعالى:﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً
وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ (يّـس:78)
ثم أمر رسوله a بالرد عليهم بإعادة النظر إلى منشئها
الأول، فقال تعالى:﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ (يّـس:79)
أو بتقليب أطرافهم في السماء والأرض، قال تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ
اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ
بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ﴾ (الاحقاف:33)
والقرآن الكريم لا يسوق هذه التنبيهات لهؤلاء الغافلين
وحدهم من اليهود والمنكرين للبعث، بل يسوقها لكل ضمير قد توسوس له خواطر السوء أن
هناك شيئا ما من شئون الحياة قد يعجز الله، أو قد يستحيل على الله.
ولذلك يخبر تعالى أن الخلق ما قدروه حق قدره حين نسبوا العجز له في أي محال
من المحال، قال تعالى:﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
(الحج:74)، وقال
[1] ذكر المفسرون
في سبب نزول الآية أنّ اليهود كانوا يتصوّرون أنّ الله خلق السماوات والأرض في
ستّة أيّام (ستّة أيّام من أيّام الأسبوع)! ثمّ استراح في اليوم السابع (السبت)
فوضع رجلا على رجل أُخرى.