قال: عالم بالأولياء.. لا بكل الرجال.. فأصخ سمعك إليه.
قال: أما النموذج الأول، فهو موسى u عندما وقع في الحصار، البحر
أمامه، والعدو من ورائه، حينذاك قال الغافلون من قومه: (أين المفر؟ ﴿
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾
(الشعراء:61)
ولكن موسى u قال بثقة المؤمن:﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي
سَيَهْدِينِ((الشعراء:62)
وعندما قالها انخرمت قوانين السيولة في البحر، واستسلم
البحر لربه، وتحول إلى طريق يبس سار فيه موسى u ومن معه.
صاح المرضى: الله ! الله !
وصحت معهم بلا شعور: الله ! الله ! لقد كان الدعاء هو مدد
موسى u،
وهو مصدر قوته، كما أن الاعتماد على الأسباب هو سبب ضعف قومه المخذولين.
قال الطبيب: والنموذج الثاني، مع موسى u أيضا، وهو موقف قومه من أمر
موسى u
لهم بدخول الأرض المقدسة، قال لهم باعتباره الزعيم الذي أنقذهم من بطش فرعون،
وباعتباره محل ثقتهم، فالخوارق يرونها أمامهم كما نرى القوانين العادية:﴿
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ (المائدة:21)
لكنهم غفلوا عن قدرة الله التي شقت البحر لتنقذهم، وواجهوا
هذا الأمر الإلهي ـ كما واجهوا غيره ـ بتخاذلهم، قالوا:﴿ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا
قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ﴾ (المائدة:22)
ولكن رجلين صالحين قويين منهم دلوهم على الطريق الذي
يدخلون به إلى هؤلاء القوم، قال تعالى واصفا هذا الموقف:﴿ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ
يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا
دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
(المائدة:23)