قال: فهذه الأحاديث جميعا
تدل على انحصار الرقية في محال معينة لا تتجاوزها.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد وردت هذه النصوص بصيغ الحصر، ومع أنها وردت بصيغ
مختلفة إلا أن التقارب بينها يسير، فهي عموما تدل على العين، وهي محل اتفاق بين
النصوص جميعا، والأمراض الناشئة بسبب السموم.
قلت: لقد وضحت لي هذا.
قال: زيادة على هذا، فقد
عبر الصحابة عن وقوع الرقية في عهد النبي a بصيغة الترخيص، والرخصة ـ كما تدل عليها نصوص الشريعة مقدرة
بقدرها ـ فقد قال تعالى:﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا
إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ (البقرة:173)
زيادة على ذلك، فإن هذا يدل
على أن الأصل في الرقية النهي، وهو ما ثبت في أحاديث كثيرة، منها قوله a: (اعرضوا علي رقاكم)، أي لأنظر مدى
شرعيتها.
قلت: فما السر الذي تراه
لهذا الترخيص؟
قال: السر في هذا هو أن
الرسول a وجد الرقية منتشرة في
المجتمعات الجاهلية، ووجدها مختلطة بين استعمال أدوية طبيعية، وأخرى مما يمكن
تسميته روحانية.
ولم يكن a ليحرمها باعتبارها من التجارب التي
ربما أثبتت بعض فاعليتها، فلذلك رغب في تركها أولا سدا لذريعة الشرك، فلما انتفت
قيدها بالقيود الشرعية، وهي حصرها في أحوال معينة وبأساليب خاصة لا تتجاوزها.