لا يرقون، ولا يسترقون،
ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)
فلم يذكر a تركهم الاستعاذة، وإنما ذكر تركهم
للرقى، ولهذا فمن اكتفى بالاستعاذة من العين، واكتفى من ذوات السموم باستعمال
العلاج واللجوء إلى الله كان ذلك كافيا له.
قلت: ولكن العلماء أجابوا
على ما يبدو من تعارض بين النهي عن الرقية أو بيان كون الكمال في تركها، وبين ثبوت
النصوص الكثيرة الدالة على طرق الدعاء للمريض بإجابات كثيرة كما قال النووي: ( فقد
يظن مخالفاً لهذه الأحاديث ولا مخالفة بل المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى
التي هي من كلام الكفار والرقى المجهولة والتي بغير العربية وما لا يعرف معناها
فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه، وأما الرقي بآيات القرآن
وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه بل هو سنة، ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين أن
المدح في ترك الرقى للأفضلية وبيان التوكل والذي فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز
مع أن تركها أفضل)
قال: وأفضل من ذلك لو حصروا
الرقية فيما حصر من النصوص، وفرقوا بين الاستعاذة والرقية.
قلت: فما كيفية الرقية، وما مدى حرية
الاجتهاد فيها؟
قال: من خلال استقراء
النصوص نرى طرقا معينة في الرقى المرتبطة بالعين أو المرتبطة بعلاج ذوات السموم،
وهي طرق منها ما هو منبن على الأعراف الجاهلية، وأقره رسول الله a، ومنها ما شرع أساسا.. وبذلك فإن
كيفيات الرقى توقيفية، لا تختلف عن سائر التوقيفات بدليل الحديث المعروف: (اعرضوا
علي رقاكم)
قلت له: ولكن الرقاة
يستدلون عادة بهذا الحديث على ما يفعلونه ويخترعونه.