كبيرة ولا لفترت
طويلة، ويحدث له راحة أو اضطرابا فهو دواء.. وكل مادة لا يمكن تناولها ولو بكميات
ضئيلة، لأنها تحدث فيه تأثيرا ضارا، فهي السموم، ولم يتجرأ الإنسان على الاستفادة
من السموم كمواد دوائية إلا في وقت متأخر جدا.
قلت: فكيف تميزون
بين هذه الثلاثة؟
قال: لقد لعبت
الحواس دورا كبيرا في حفظ حياة الإنسان، فبواسطة حاستي الذوق والشم تمكنا من
التفريق بين النبات النافع والنبات الضار.. فالنباتات المؤذية نجدها غالبا ذات طعم
مر أو لاذع أو مغث، أو نجدها نتنة الرائحة فتنبذ، أو جميلة الرائحة فتستلطف.
هذا من ناحية.. ومن
ناحية أخرى، فإن لملاحظة الصفات الخارجية لأقسام النبات دورا في التفريق بين أجناس
النبات، وبهذه الصورة استطاع الإنسان العاقل المفكر أن يربط بين الاستعمال الغذائي
والدوائي لأجناس النباتات وأنواعها وبين صفاتها الخارجية المحسوسة.
قلت: ولكن كيف
استطاع إنسان عصركم، ومن قبله تحديد خواص الأغذية، فهي خواص كيماوية لا بد لها من
علوم أخرى لم تصلوا إليها؟
قال: مثل ماذا؟
قلت: مثل الأكسدة
والاختزال والحموضة والقلوية.. زيادة على أنه لم يكن لديكم علم بالخمائر
والفيتامينات والهورمونات.. وغيرها مما تأخر اكتشافه.
قال: لكل عصر وسائله وأساليبه الخاصة.. وقد وصلنا بوسائلنا ـ التي
تعتبرونها بسيطة ـ إلى كثيرمن خواص الأغذية والأدوية مما لا تزالون تستفيدون منه.
قلت: لا أنكر ذلك.. فما سر ذلك؟
قال: لقد استعملنا القياس ووسائل الفحص الفيزيائية، فاستنتجنا مرتبة
الحرارة مثلا من سرعة الاحتراق، ومرتبة البرودة من سرعة التجمد، مستعينين بالحواس،
أي المذاق والرائحة واللمس واللون لاعتقادنا أن اختلاف الإدراكات الحسية مردها
اختلاف مقادير الأركان