قال: استأذن معلمك
أولا.. فهو رخصة جوازك في هذه المدائن.
ما إن ذكر جورج معلم
السلام حتى كان حاضرا بيننا، وكأنه وجه بطاقة دعوة إليه، فسرت مع المعلم، وجورج
إلى مطعم الماكروبيوتيك، وقد رأيت على بابه مكتوبا قوله تعالى: ﴿ فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ﴾ (النساء:4)
فسألت المعلم عن سر
وضع هذه الآية في هذا الموضع، فقال: لقد ذكر الله تعالى في هذه الآية جميع خصائص
الطعام المبارك.
قلت: كيف ذلك؟
قال: ماذا قال
المفسرون في معنى الهنيء؟
قلت: لقد ذكروا أنه
أنه ما تؤمن عاقبته، أو ما أعقب نفعا وشفاء، أو ما لم ينغص بشيء.
قال: والمريء؟
قلت: مرى الطعام هو
ما يسهل هضمه، وتحمد عاقبته.
قال: فالآية تنبه
إلى الطعام المحمود، وتحذر من الطعام السيء.
قلت: عرفت الطعام
الحميد، فما الطعام السيء؟
قال: هو ما تخلف فيه
أحد الأمرين، بأن كان لذيذ المبدأ خبيث المنتهى، أو كان هنيء المطعم، ولكنه يؤذي
أجهزة الجسم الهاضمة، ويصيبها بالتلف.
قلت: فهمت هذا.. ولهذا
أرى كثيرا من الناس ينصرفون عن مآكل محمودة خوفا على معدهم من ثقلها، أو على
أمعائهم من احتباسها.
دخلنا المطعم، فرأيت
عجبا.. المرضى مجتمعون مجموعات مختلفة، ليس لهم من عمل سوى الأكل.