وكما
أن الكون من حيث صورته المادية يحتوي على عناصر محددة تتكون منها جميع أشكال
الموجودات، ويسمون الجدول الذي يحوي هذه العناصر بالجدول الدوري، فبمثل ذلك يتحدث
العارفون عما يمكن تسميته بالجدول الأسمائي للكون.
وهذا
الجدول يستخلص صفات الله من خلال أشكال المكونات وأنواع واختلاف تدبيرها، وقد شرح
النورسي بعض ما يرتبط بهذا الجدول بقوله:( إن في كل شئ وجوهاً كثيرة جداً متوجهة -
كالنوافذ - الى الله سبحانه وتعالى، بمضمون الآية الكريمة ﴿ وَإِنْ مِنْ
شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾)(الاسراء: 44) إذ أن حقائق الموجودات
وحقيقة الكائنات تستند إلى الاسماء الإلهية الحسنى، فحقيقة كل شئ تستند الى اسم من
الاسماء أو إلى كثير من الاسماء. وأن الاتقان الموجود في الأشياء يستند إلى اسم من
الأسماء) [1]
ويضرب
بعض الأمثلة على ذلك بالعلوم المادية التي تنقلب بهذه النظرة إلى علوم روحية، فعلم
الحكمة الحقيقي يستند إلى اسم الله (الحكيم)، وعلم الطب يستند إلى اسم الله
(الشافي)، وعلم الهندسة يستند إلى اسم الله (المقدّر)، وهكذا كل العلوم تستند الى
الأسماء الحسنى تبدأ منها، وتنتهي إليها.
ولهذا
اتفق العارفون على أن حقائق الأشياء، إنما هي الأسماء الإلهية الحسنى، أما ماهية
الأشياء فهي ظلال تلك الحقائق..