التواق
للحق ـ الى ما هو أسمى وأثمن وألطف وأشرف وأنفع وأشمل مما انشغل به الفيلسوف
الاجنبي بملايين الاضعاف، فبحث عما تحت تلك النقوش الجميلة من حقائق سامية جليلة
وأسرار نيرة بديعة، فكتب كتابه تفسيراً قيماً لهذا القرآن الحكيم، فأجاد وأتقن.
والنورسي
يشير بالقرآن الجميل الزاهي إلى هذا الكون البديع، وبالحاكم المهيب إلى سلطان
الازل والابد تعالى، أما الرجلان، فالأول هو العامي ولو كان عالما بالعلوم القديمة
والحديثة، وأما الآخر، فهو العارف الذي تتلمذ على أنوار القرآن الكريم.
فالفرق
كبير بين الرؤيتين، فالعارف ينظر إلى الكون ـ كما يقرأ القرآن الكريم ـ فـ ( ينظر
الى الموجودات - التي كل منها حرف ذو مغزى - بالمعنى الحرفي، أي ينظر اليها من حيث
دلالتها على الصانع الجليل. فيقول: ما أحسنَ خلقه! ما أجملَ خلقه! ما أعظم دلالته
على جمال المبدع الجليل)، وهذا النظر هو الذي يكشف الجمالَ الحقيقي للكائنات.
أما
العلم المجرد عن المعرفة فهو غارق في تزيينات حروف الموجودات، مبهوت أمام علاقات
بعضها ببعض،، قد انصرف عن النظر عن قراءة حروف الكون الدالة على كاتبها، فإذا رأى
شيئا من جمال الكائنات قال:( ما أجمل هذا) بـدلاً من:( ما أجمـل خـلـق هذا)[1]