وقد
استدلوا لذلك بأدلة لا تنهض لتقرير مثل هذا الأمر الخطير.
ومما
استدلوا به من ذلك ما ذكره المفسرون من الصحابة والتابعين لقوله تعالى:﴿
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا
قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾ (النبأ:40)
فالآثار الواردة في ذلك عن أبي هُرَيرة، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما قد يكون
مصدرها الإسرائيليات التي كانت مشتهرة.. وكانت ـ للأسف ـ مرجعا للبعض في تفسير
القرآن الكريم.
مع
أن تفسير الآية واضح لا يحتاج إلى مثل هذا.. فالكافر ـ عندما بعابن جرائمه وما
يترتب عليها من جزاء ـ يود لو أنه كان ترابا.. أو يود لو أنه بقي ترابا، ولم يصر
إنسانا.. وهي في ذلك مثل قوله تعالى:﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى
جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً﴾
(مريم:23)
ومما
استدلوا به من الحديث ما يسمى بحديث الصور الطويل[1]، وهو حديث مملوء بالغرائب، وهو أشبه بأحاديث القصاص منه بأحاديث
النبي a، وقد قال فيه ابن
كثير:( هذا حديث مشهور، وهو غريب جدا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض
ألفاظه نكارة. تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل
[1] الأحاديث
الطوال للطبراني برقم (36) وقد خولف فيه أحمد بن الحسن الأيلي، فرواه أبو الشيخ
الأصبهاني في العظمة برقم (387) من طريق إسحاق بن راهوية، والبيهقي في البعث والنشور
برقم (669) من طريق أبي قلابة الرقاشي كلاهما إسحاق- وأبو قلابة - من طريق أبي
عاصم الضحاك، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن
رجل من الأنصار، عن أبي هريرة. به، وروى من طريق أخرى مدارها على إسماعيل بن رافع
المدني، وقد ضعفه الأئمة وتركه الدار قطني، وقال ابن عدي: (أحاديثه كلها مما فيه
نظر)انظر: ابن كثير: 3/287.