هذه الظلمات، فالله
مخطط الكون وواضع برنامجه هو المتكلم بالقرآن، وهو المعرف بحقائق الكون ونواميسه.
وسبب الخلط العظيم الذي
وقع في هذا الباب الخطير، فوقع فيه الناس مشردين محجوبين غافلين، أو أصبحوا فرقا
وطوائف تتنابز بالألقاب، أو يرمي بعضهم بعضا بالكفر والفسوق والبدعة والضلال هو
إعمال بعض النصوص وهجر بعضها، أو تحميل النصوص ما لا تحتمل، أو تقديم العقل المدنس[1] على النص المقدس، أو تقديم فهم امرئ من الناس على صريح كلام الله،
أو على ما يقتضيه العقل من معان، أو التعصب للمذاهب والآراء على حساب الحقائق
والمعارف..
وأسباب أخرى كثيرة لا
يهمنا معرفتها، ولا يضرنا الجهل بها..
ونحن ـ بفضل الله ـ في
هذه الرسالة لن نغفل بالرد على هذه الطوائف على ما أردناه من كشف حقائق القدر
لعقولنا وقلوبنا وأرواحنا، ولن نغفل بالجدل الذي انحرفت به المعارف عن مساراتها..
وإنما ستكون وجهتنا وقبلتنا واحدة، ولا يهمنا بعد ذلك من توجه معنا إليها، أو
خالفنا فيها.
بل نحسب أنا قد لا
نخالف أحدا فيما ذهبنا إليه، فكل قد رام الحق، وكل وصل إلى بعض الحق..
* * *
وخلاصة الحقائق التي
وصلنا إليها في هذه المسألة الخطيرة هي ـ ببساطة ـ أن نظام القدر الذي هو برنامج
الكون ونظامه يتأسس على التعرف على أربعة أسرار كبرى، كل سر منها يشكل حقيقة عظيمة
من حقائقه، ويقع الخطأ بقدر الاقتصار على بعض أسراره والغفلة عن بعضها.
[1] الدنس هنا ليس وصفا العقل الأصلي، وإنما هو وصف
للأهواء التي دنسته، أما الأصل في العقل فهو القداسة، لأن الله هو واضع برامج
العقول.