a:( إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كنت تعبد، فلا
يبقى أحد كان يعبد غير الله من الاصنام والانصاب إلا يتساقطون في النار حتى لم يبق
إلا من يعبد الله من بر وفاجر)[1]
وهو المقصود باللوح
المحفوظ، كما قال تعالى:﴿ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ (البروج:22)
وهو المقصود بالكتاب
المكنون، كما قال تعالى:﴿ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ﴾ (الواقعة:78)
ومن خلال هذه التسميات
المختلفة لهذا الكتاب نستطيع تلمس ثلاث خصائص لهذا الكتاب هي: الشمولية، والحفظ،
والستر.
ومعرفة هذه الخصائص
أساسية لمن يريد أن يرفع الشبه الكثيرة التي تطرح في هذا المجال.. بل لا يمكنه أن
يرفعها إلا بمعرفتها، وسنبين كيفية ذلك فيما يلي:
الشمولية:
وهي اشتمال هذا الكتاب
على كل التفاصيل التي خرج بها الكون من العدم إلى الوجود، كما قال تعالى:﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ
مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ (الأنعام:38) أي
أن الله تعالى أثبت في اللوح المحفوظ كل ما يقع من الحوادث[2].
وقد ذكر القرآن الكريم
والسنة المطهرة التفاصيل الكثيرة الدالة على كتابة الله للصغير والكبير من أحداث
الكون، قال تعالى:﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ
وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا
[2] وقد فسر بعضهم الكتاب هنا بأنه القرآن على معنى
أن القرآن لم يترك شيئا من أمر الدين إلا وقد دل عليه ؛ إما دلالة مبينة مشروحة،
وإما مجملة يتلقى بيانها من الرسول r.
ومع أن القرآن حوى الحقائق الكبرى لتفاصيل الوحود، كما قال تعالى:﴿
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89) إلا أن المراد
الظاهر في هذه الآية هو اللوح المحفوظ باعتباره حاويا لتفاصيل الحقائق، لا جملها
فقط.