ولكن مع ذلك قد يطلع
الله تعالى بفضله ورحمته بعض خلقه على بعض شؤون
الغيب مما تتعلق به مصالح العباد، ولحكم قد تقتضي ذلك، ولهذا ورد الاستثناء بعد
قوله تعالى:﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾ (الجـن:26) بقوله تعالى:﴿ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ
فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ (الجـن:27)، وقال تعالى:﴿ وَلا يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ (البقرة: 255)
وقد أخبر أن الله تعالى
يحفظ هذا الغيب الملقى لهذا الذي خص بهذا الغيب بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه
من أمر اللّه، قال تعالى:﴿ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
رَصَداً﴾ (الجـن: 27)
وقد أخبرنا الله تعالى عن بعض من خصوا ببعض علم الغيب، ومنهم
الخضر u الذي قال تعالى عن
نوع العلم الذي أوتيه:﴿
فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا
وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾ (الكهف:65)
وقد كانت تلك التصرفات
الغريبة التي فعلها الخضر u
بمرأى من موسى u دليلا على حكمة الله في تقديره، وكيف يجتمع عالم الأمر الذي يمثله
موسى u بعالم التدبير الذي يمثله الخضر u، ونرى ـ والله أعلم ـ أنه لولا الحاجة لتبيين هذه الحكمة ما فعل
الخضر u ما فعله.
وكذلك ما أخبر الله تعالى به الملائكة الموكلين بالوظائف
المختلفة، فلكل منهم من العلم بالغيب ما له علاقة بوظيفته، ولعله من هذا الباب ما
أخبر عنه رسول الله من إخبار الملك الموكل بالأرحام ببعض ما يتعلق بالغيب المتعلق
بذلك الجنين، فقد ورد في بعض صيغه:( إن