فإن كان الفقيه يرى الأمر
يفيد الوجوب على المكلفين، فإن فقيه السنن يرى في أن النصوص التي تحوي هذا النوع
من الصيغ مفيدا للوجوب، لا بمعنى أن الفقيه هو الذي يوجب على الله، وإنما بمعنى أن
الله ـ برحمته وحكمته ـ أوجب على نفسه.
ولن نذكر هنا كل تلك
الصيغ، فهي تستدعي بحثا خاصا، ولكنا سنقتصر على بعض الصيغ الواردة فيها باعتبارها
القوانين الكبرى التي تعرف بالله من جهة، وتعرف بالتعامل الصحيح مع أكوان الله من
جهة أخرى:
حقا:
فمن هذه الصيغ.. ما
عبر عنه الله تعالى أو رسوله a بصيغة ( حقا)،
وما في معناها، فإن هذه الصيغة تفيد بأن الله تعالى يوجب فعل ذلك
على نفسه رحمة منه وفضلا.
ومن النصوص القرآنية
الواردة في ذلك قوله تعالى:﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا
كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾
(يونس:103)، فالله تعالى أوجب على نفسه ـ حسب هذه الآية ـ رحمة منه
وفضلا إنجاء المؤمنين من المهالك.
وأوجب تعالى على نفسه ـ
رحمة منه وفضلا ـ نصر المؤمنين، كما قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم:47)
وأوجب تعالى على نفسه ـ
رحمة منه وفضلا ـ إدخال المجاهدين في سبيله الجنة، كما قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ
حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ
مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة:111)
وأوجب تعالى على نفسه
ـ رحمة منه وفضلا ـ أن يبعث من يموت، كما قال تعالى:﴿