قد يقول قائل: ما علاقة
هذا الكتاب بالكتب التي تذكر الأحداث أو تصفها؟
وهل يمكن لمن تبصر هذا
الكتاب أن يتنبأ بما في تلك الكتب؟
أو ـ بعبارة أصرح ـ هل
يمكن التنبأ بالمستقبل، ومعرفة ما يكنه الغيب، انطلاقا من هذه القوانين
الإلهية،كما نستكنه الكثير من الحقائق المادية انطلاقا من قوانين المادة التي
عرفناها؟
والجواب عن ذلك: هو أن
هذا الكتاب في أصله هو الأساس لتلك الكتب.
فالله تعالى عندما كتب
على نفسه الرحمة، وأن رحمته تسبق غضبه، صمم الكون على هذا الأساس.. ولذلك كان
الكون متوجها بكليته نحو ما تتطلبه الرحمة الإلهية، كما سنرى في الفصل الأخير.
والله تعالى عندما أراد
أن يقوم الكون على موازين العدل، فقد بنى الكون كله على ذلك، فلذلك لا ترى فيها ظلما
ولا فطورا.
هذا عن علاقة هذا
الكتاب بسائر الكتب.
أما عن الاستفادة من
هذا الكتاب للتعرف على ما في سائر الكتب.. فذلك ممكن أيضا.. بل هذه هي الوسيلة
المشروعة الوحيدة التي يستكنه بها المؤمن المستقبل.
لأن الله عرفنا بقوانين
الكون والقوانين الرابطة لعلاقتنا به لا لنستكنه المستقبل ونكشف حجابه فقط، وإنما
لنغيره ونبدله وفق مصالحنا.
وهل الاستعداد للآخرة،
والعمل لها، وطلب رضوان الله بتحقيق مراضيه، وطلب الجنة بغراسها سوى استكناه
للمستقبل أو تغيير للمستقبل ليتوافق مع المصالح الشخصية.
وهكذا في كل الأعمال
يعيش المؤمن بصحبة سنن الله، ليهتدي بها إلى الله، بل ليهتدي بها كذلك في شؤون
حياته جميعا.
وهذا سر قول علي بن أبي
طالب في عبد الله بن عباس :( إنه لينظر إلى الغيب من ستر