أمورا حسية، كإخباره a أن الموت يأتي يوم القيامة في صورة كبش[1]، وأن الدنيا تأتي بصورة معينة، وهكذا.
وهذا التأويل ناتج من
عدم القدرة على تعدية معاني الحس إلى عوالم المعنى، ولكن المؤمن الذي يحترم عقله
وقدراته من جهة ويعظم ربه وكلامه وكلام نبيه من جهة أخرى لا يقع في هذا الوهم.
ولذلك لا يستبعد أن
يكون للقلب قفل كقفل أبواب الدنيا، وختم كختمها، وأن يحصل لعين القلب من العمى ما
حصل لعين الحس، فكل ذلك من المعقول الذي لم تدركه الحواس، وفي قدرة الله أن يريها
ذلك كما يريها يوم القيامة هذه المعاني في قوالب الحس.
بل إن تصورها معاني
حقيقية يضفي على القلب من الإحساس بمعناها وخطره أكثر من تصورها مجرد أمور معنوية
قد لا تجد من بعض القلوب القدرة على فهمها.
ولذلك يستعمل القرآن
الكريم كل ما يستعمل من أساليب الحس لمنع إدراك من طبع على قلبه، بل قد يجمع الله
له مجموعة أمور علامة على بلوغه مرحلة اليأس التي لا إمكانية فيها لإيمانه.
ومن ذلك قوله تعالى في
أوائل سورة يس في عقوبة الذين حق القول عليهم بعد أن مورست معهم كل أساليب الدعوة،
فقابلوها بكل أساليب الإنكار:﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى
الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً
وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ (يّـس:9) ثم
ذكر نتيجة هذه السدود بقوله تعالى:﴿ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ﴾ (يّـس:10)
[1] وذلك في قوله r:( إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جئ
بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة! خلود لا
موت، يا أهل النار، خلود لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، ويزداد أهل
النار حزنا إلى حزنهم) رواه البخاري ومسلم.