والثانى تحكيمه لهواه
على ما جاء به الشرع، وانقياده للهوى واتباعه له.
وأما القلب الثاني، فهو
الذي قاوم الفتن، وتملك الحصانة والمناعة ضدها قلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان،
فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها، فازداد نوره وإشراقه وقوته.
وبذلك تصبح الفتن وسيلة
من وسائل صقل القلوب وإصلاحها، وبالتالي تجعلها أهلا لأداء وظيفة التعرف على ربها
وعبادته،كما قال ابن عطاء الله:( لولا ميادين النفوس ما تحقق
سير السائرين، إذ لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك، ولا قطعة بينك وبينه حتى
تمحوها وصلتك)
ومن النماذج التي ذكرها
القرآن الكريم للتأثير المزدوج للفتن، أو للتعامل المختلف مع الفتن، الفتنة
المنجرة عن إخبار الله تعالى عن عدة الملائكة، كما قال تعالى:﴿ وَمَا جَعَلْنَا
أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ
مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ
وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ﴾ (المدثر:31)
فقد أخبر تعالى أن في
إخبار الله تعالى عن عدد الملائكة الموكلين بجهنم كان فتنة للخلق، وكان تأثير هذه
الفتنة مختلفا على حسب قابلية كل شخص وتعامله مع إخبارات الله.
أما المؤمنون فزادتهم
إيمانا إلى إيمانهم، وعرفوا أن قدرة الله التي لا يعجزها شيء لا تعجز عن مثل هذا،
بل اعتبروا هذا من دلائل القدرة التي تزيدهم إيمانا إلى إيمانهم.
أما السطحيون البسطاء
في تفكيرهم الغارقون في أوحال التشبيه، فاعتبروا ذلك سندا شرعيا لكفرهم.
وقد ورد في السيرة ذكر
بعض آثار هذه الفتنة على الكافرين، قال ابن عباس:( لما نزل قوله تعالى:﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ (المدثر:30) قال أبو جهل لقريش:( ثكلتكم
أمهاتكم! أسمع