ومثل هذا الفتن الكثيرة
التي تجعل من الحقائق شبهات عظيمة ينظر إليها الغافلون بأعينهم المحجوبة عن الحق،
فلا يرون إلا الظلمات.
ولهذا كان من حكمة الله
تعالى أن يجعل في هذا الدين كما في كل الأديان ما يميز المؤمنين من غيرهم حتى
يستبين الصادقون من الجاحدين، قال تعالى عن فتنة ثمود:﴿ إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ
وَاصْطَبِرْ﴾ (القمر:27)
ولهذا لا يسأل المؤمن
عن تعدد زوجات رسول الله a، وعن سر الأمر بالحجاب،
وعن قص يد السارق، وإنما يسأل الغافلون الذين تعشش الشبهات في قلوبهم وعقولهم.
وقد شبه الله تعالى
هؤلاء الذين يميد دينهم بالفتن، بمن يعبد الله على حرف، قال تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ
ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ (الحج:11)
بل إن فتنة مثل هؤلاء
تمتد لكل شيء حتى النعم الدنيوية البسيطة التي تنزل عليها، فيتعتقد أنها ناتجة عن
حوله وقوته:﴿ فَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا
خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ
فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر:49)
وقد علل الله هذا النوع
من التفكير، فقال:﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ
الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)﴾
(الإسراء)