ولهذا كان من جملة
الأسئلة التي يواجه بها أهل جهنم تبكيتا وإظهارا لعدالة الجزاء ما عبر عنه قوله تعالى:﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ
سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ (الملك:8)
* * *
ومثل ارتباط التكليف
ببلوغ الدعوة يرتبط ببلوغ سن القدرة على التمييز واستعمال العقل، لأن أحكام الله
تعالى مرتبطة بالعقل.
فالعقل هو المدرك
لأحكام الله، والنافذة التي يطل منها الإنسان على مراده، ولهذا قال a:( رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحلم - أي يستكمل خمس
عشرة سنة وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) [1]
وهؤلاء الثلاثة رفع عنهم القلم بسبب العقل،
فالأول لم يكتمل عقله، والثاني غفل عقله، والثالث غاب عقله.
* * *
بعد هذه الأدلة
القطعية على ارتباط التكليف بالعقل وبلوغ الدعوة، مع ارتباط الجزاء بالتكليف نحاول
التعرف على مصير هذه الفئة التي لم تمنح أدوات التكليف.
وهذا يدعونا إلى
دراسة الآراء الواردة في المسألة مع محاولة الجمع بين النصوص الواردة فيها، لنرى
من خلالها كيف تتحقق العدالة مع هذا الصنف من الخلق.
[1] رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة
والحاكم.