وأول قول نبدأ
باستبعاده هو القول بأنهم في النار.. فهذا القول يتنافى مع الحكمة والعدل والرحمة
التي بنيت عليها أقدار الله.
وللأسف، فقد قال بهذا
القول قوم، مستندين في ذلك إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة يريدون بها تحطيم الأسس اليقينية
التي وردت بها النصوص المحكمة.
ومن هذه النصوص ما روي أن
رسول الله a سئل عن أولاد المسلمين أين هم؟، فقال:( في الجنة) وسئل عن أولاد
المشركين أين هم يوم القيامة؟، فقال:( في النار)، فقيل له:( لم يدركوا الأعمال ولم
تجر عليهم الأقلام) قال:( ربك أعلم بما كانوا عاملين، والذي نفسي بيده لئن شئت
أسمعتك تضاغيهم[1] في النار) [2]
وهذا الحديث الضعيف
لا يصح أن يستدل به على مثل هذا، زيادة على معارضته النصوص المحكمة والأحاديث
الصحيحة.
ومن الأحاديث الموضوعة
الخطيرة التي تروى في هذا المجال من دون تحقيق أو تمحيص، ومن دون عرضها على محكم
القرآن الكريم والسنة المطهرة، فيغتر بها، ما يروى عن سلمة بن يزيد الجعفي: قال:
أتيت أنا وأخي رسول الله a، فقلنا:( إن أمنا ماتت
في الجاهلية، وكانت تقري الضيف، وتصل الرحم، فهل ينفعها من عملها ذلك شيء؟)، قال:(
لا) قلنا له:(
[1] أي صياحهم وبكاءهم. يقال ضغا يضغو ضغوا وضغاء
إذا صاح وضج (النهاية:3/92)
[2] الحديث أورده ابن حجر في الإصابة ( 174 / 175)
قال البيهقي: هذا منكر وقد خبط فيه يوسف بن عطية الصفار وهو ضعيف جدا. وهكذا ذكره
الهيثمي في مجمع الزوائد ( 1 / 57) وقال رواه البزار وفيه يوسف بن عطية لا يحتج
به، وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح قال احمد بن حنبل يحيى بن المتوكل يروي عن
بهية احاديث منكرة وهو واهي الحديث وقال يحيى ليس بشيء وقال علي والفلاس والنسائي
هو ضعيف قال ابن حبان ينفرد باشياء ليس لها اصول وقال السعدي سألت عن بهية كي اعرفها
فأعيانا، انظر: العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، لعبد الرحمن بن علي بن
الجوزي: 2/924.