ومنها ما وري أن
رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار، فلما قضى دعاه فقال:( إن أبي
وأباك في النار) [1]
وأول نقد يتوجه إلى
هذين الحديثين هو أنهما معلولان.. وانتفاء العلة من شروط الحديث الصحيح.
وأول علة في هذين
الحديثين، وأخطر علة معارضتهما لصريح القرآن الكريم كقوله تعالى:﴿ وَمَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (الاسراء: 15)
وقال
تعالى:﴿ ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ
وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ (الأنعام:131)، فقد اعتبر الله تعالى إهلاك القرى
من غير نذير ظلما.
وقال
تعالى:﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا
رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى ﴾ (طـه:134)، أي أن الحامل على إرسال الرسل تعللهم
بهذا القول واحتجاجهم به.
واعتبر القرآن ذلك
من العدل الإلهي، فقال تعالى:﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا
لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209)﴾
(الشعراء)، فقوله ﴿ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ دليل على أن إهلاك
القرى من غير أن يرسل إليهم النذر ظلم يستحيل على الله تعالى.
وذكر الله سنته مع
القرى في هذا، فقال:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى
يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا
مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (القصص:59)
وغيرها من الآيات
التي تخبر بأن الله لا يعذب أحدا إلا بعد أن يقيم الحجة عليه.