وفي حديث آخر، يقول
رسول الله a:( من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به ومن لم يفعل
فهو أفضل لأن الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال)[1]
وقد اختلف العلماء
هنا: هل يكتب الملك كل شيء، أم يكتب ما فيه ثواب وعقاب فقط على القولين، والأرجح
من خلال النصوص أنه يكتب كل شيء، لأن كل شيء، وإن ظهر ـ بادئ الرأي ـ لغوا إلا أن
فيه نوع من أنواع العمل.
فالنكتة ـ مثلا ـ
والتي لم تختلط بحرام، قد تبدو نوعا من اللغو، ولكنها ـ في الحقيقة ـ وعند
تحليلها، قد تحوي خيرا كثيرا أو شرا كثيرا.. وبالتالي تكون محلا للجزاء.. ومحلا
قبل ذلك للحساب.
ولهذا قال
تعالى:﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾
(التكاثر:8)
وبهذا يحل الإشكال
الوارد في الحديث المعروف، والذي قال a في آخره:
(لتسألن عن هذا يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا،
فهذا من النعيم)[2]
ولكنه ـ في الحقيقة
ـ لا يخالفه، فالله تعالى الذي أباح الطيبات وأحلها، هو الذي أمر بالواجبات وحض
عليها، والمنطق السليم يفرض على من تمتع بالحقوق، أن يسأل عن الواجبات، فإذا قصر
فيها كان تناوله للحقوق غير صحيح.