الانكار فيضمرون نوعاً
من العداء تجاهه.. هؤلاء ليسوا الاّ شياطين في صور أناسي، وفي حكم نماردة صغار
وفراعنة صُغر. ولاشك أنهم يستحقون عذاباً خالداً لانهاية له)[1]
هذا ما تقتضيه العدالة
أما ما تقتضيه الرحمة، فهو شأن آخر، وسنعرض له في محله من الباب الرابع.
* * *
بعد هذه الجولة في
رحاب النصوص المقدسة، فإن المصير الذي ينتظر الخلق لا يكون إلا من صنع أيديهم،
ولذلك فإن المجتهد لا يقعد بسبب ما توهمه خياله مما كتب له، بل يحاول ان يملي على
الكتبة من الملائكة ما يرضاه من كتاب، فالله تعالى لا يحاسبه على الكتاب السابق،
بل يحاسبه على الكتاب الذي كتبه بعمله.
ولذلك فإن القرآن
الكريم يرجع كل ما يحصل من خير او شر للبشر إلى أيديهم وأنفسهم، قال تعالى:﴿ ذَلِكَ
بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾
(لأنفال:53)
ويعلل ذلك بأنه
مقتضى العدل، قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً
وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس:44)، ويقول تعالى:﴿ ذَلِكَ
بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ
لِلْعَبِيدِ﴾ (آل عمران:182)