السر الثالث من
أسرار القدر هو سر الحكمة.. وبهذا السر يعيش المؤمن بصحبة الرضا عن الله في جميع
أفعاله، فهو يعلم أن كل ما في الكون مؤسس على حكمة الله وقائم بها وقائم عليها،
فلا ينكر فعلا من أفعال الله، بل يستدل بأفعال الله على الله.
وبهذا السر يعيش
المؤمن بصحبة الله الحكيم الذي يضع الأمور دقيقها وجليلها في موضعه الذي يليق به،
فلا فطور في الكون ولا نشاز، بل كل شيء ينطق بالحكمة، ويخبر عن دقة الصنع وإتقانه.
وبفهم هذا السر
يقول المؤمن ما قالت الملائكة عندما أخبرها الله بأنه يعلم ما لا تعلم:﴿
سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ
الْحَكِيمُ ﴾ (البقرة:32)
ولهذا نجد في
القرآن الكريم اقتران اسم الله ( الحكيم) بخلق الله وأمره، لينبهنا إلى أن مصدر
هذا الخلق أو ذاك الأمر هو حكمة الله وتدبيره العجيب، لا العشوائية أو الصدفة:
فتصوير الإنسان في
الأرحام، وتوفير كل ما يحتاجه صادر من حكمة الله، قال تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي
يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ﴾ (آل عمران:6)