شيئاً، ولا
أشهدتهم خلق السماوات والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين، بل أنا المستقل بخلق
الأشياء كلها، ومدبرها ومقدرها، وليس معي في ذلك شريك ولا وزير، ولا مشير ولا
نظير.
بل أمرهم أن يدعوهم
ليروا مقدار ما عندهم من سلطة، قال تعالى:﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ
اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ
وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾
(سـبأ:22)
بل أخبر عن العجز
التام لمن اعتقدوا فيهم الوساطة ولو على خلق ذبابة، كما قال تعالى:﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ
يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ
وَالْمَطْلُوبُ﴾ (الحج:73)
ولذلك كان الله
تعالى محمودا على هذا التفرد بتصريف الكون، فالمصلحة كلها في تفرده، قال تعالى:﴿ وَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي
الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ
تَكْبِيراً﴾ (الاسراء:111)
وسيط شفاعة: وذلك
حينما يكون المتوسط له لا يتحرك إلا بدافع يحركه من الخارج، كمن يكون قاسيا يحتاج
إلى من يحرك فيه دوافع الرحمة، أو أن يكون غافلا فيوقظه وينبهه.
والله تعالى غني عن
كل ذلك، فهو رب كل شيء ومليكه، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، بل إن رحمة
الوالدة بولدها من فيوضات رحمته.
وهو تعالى وإن جرت
حكمته بنفع العباد بعضهم ببعض، أو شفاعة بعضهم لبعض، فإن ذلك من مقتضيات رحمته،
والأمر في ذلك كله له من قبل ومن بعد، ولهذا