يحول بينه وبين التودد
إليهم ما يبارزونه به من الخطايا والمعاصي، وفي الأثر الإلهي يقول الله تعالى:( إني
والجن والإنس في نبإ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي)[1]
وفي أثر آخر:( ابن آدم،
ما أنصفتني، خيري إليك نازل، وشرك إلي صاعد، أتحبب إليك بالنعم وأنا عنك غني،
وتتبغض إلي بالمعاصي، وأنت فقير إلي)
وفي أثر آخر:( يا ابن
آدم ما من يوم جديد إلا يأتيك من عندي رزق جديد، وتأتي عنك الملائكة بعمل قبيح،
تأكل رزقي وتعصيني، وتدعوني فأستجيب لك، وتسألني فأعطيك، وأنا أدعوك إلى جنتي
فتأبى ذلك)
وفي أثر آخر:( يا ابن
آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقرابة الأرض - بضم
القاف ويجوز كسرها أي قريب ملئها - خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك
بقرابها مغفرة) [2]
وقد أخبر القرآن الكريم
أن ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ (طـه:5)، وفي ذلك إشارة
إلى أن مملكة هذا الكون الواسعة مبنية على أساس الرحمة الإلهية ومنتهية إليها.
فالله تعالى في تلك
الآية الكريمة لم يختر من أسمائه إلا هذا الاسم الجليل الذي يجمع بين الدلالة على
منتهى الرحمة وكمالها والعلمية على الذات ليدل على هذا المعنى، فإنه إذا قيل:( حكم
الملك الشجاع) دل ذلك على ان أكبر منجزات هذا الملك مؤسسة على شجاعته، وإن قيل:(
حكم الملك العادل) دل ذلك على أن أبرز ما يظهر في مملكته هو عدله، وهكذا.
وهذا ما نفهمه من
الآية الكريمة، فهي لم تقرر معنى الاستواء بقدر ما قررت معنى الرحمة التي على
أساسها يحكم الكون، ولكن التحريف اهتم بالاستواء وأوغل فيه مع