أما ما ورد في النصوص
من الرحمة المضافة إلى الله مما قد يوهم أنها خلق من خلق الله لا صفة من صفاته،
فهو جار على أسلوب القرآن الكريم والسنة المطهرة في وصف الله تعالى إما بأوصاوف أو
بأعيان تدل على الأوصاف، فالإضافة تدل على أنها إضافة وصف له
قائم به ليست مخلوقة لأن الصفة لا تقوم بنفسها، فلا بد لها من موصوف تقوم به، فإذا
أضيفت إليه علم أنها صفة له.
لكن قد يعبر باسم الصفة
عن المفعول بها، فيسمى المقدور قدرة والمخلوق بالكلمة كلاما، والمعلوم علما،
والمرحوم به رحمة، كما يقال للمطر والسحاب:( هذه قدرة قادر، وهذه قدرة عظيمة)،
ويقال في الدعاء:( غفر الله لك علمه فيك) أي معلومه.
ومن هذا الباب ما ورد
من النصوص الكثيرة من التعبير على الرحمة الإلهية بمظاهرها، كما قال تعالى في دعاء المؤمنين:﴿ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا
مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ (آل عمران:8)، وقال
تعالى:﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ
فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً
مُسْتَقِيماً﴾ (النساء:175)
ومثل ذلك اعتبار الله
تعالى الجنة رحمة، كما قال تعالى:﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (آل عمران:107)
ومثله اعتبار ما ينزل
على عباده من مظاهر النعيم المختلفة رحمة، كما قال تعالى:﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا
النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي
آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا
تَمْكُرُونَ﴾ (يونس:21)، وقال تعالى:﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا
الْأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ
كَفُورٌ﴾ (هود:9)
إلى غير ذلك مما يرد في
النصوص من مظاهر الرحمة الإلهية، والتي سنعرف الكثير