أضفتك؛ فمرّ المجوسي،
فأوحى الله تعالى إليه: يا إبراهيم لم تطعمه إلا بتغيـير دينه ونحن من سبعين سنة
نطعمه على كفره، فلو أضفته ليلة ماذا كان عليك؛ فمر إبراهيم يسعى خلف المجوسي فرده
وأضافه؛ فقال له المجوسي: ما السبب فيما بدا لك؟ فذكر له؛ فقال له المجوسي: أهكذا
يعاملني ثم قال: اعرض علي الإسلام فأسلم.
ولما يتضمنه القنوط من
رحمة الله من مساوئ في الاعتقاد أو السلوك ورد النصوص بتحريمه، كما قال تعالى في الآية السابقة:﴿ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾
(الزمر: 53)، فحرم أصل اليأس.
بل اعتبر اليأس من روح
الله من صفات الكافرين، كما قال تعالى:﴿ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ
الْكَافِرُونَ﴾ (يوسف: 87)
وأخبر تعالى أن كفر
الكافرين وضلالهم ناتج عن سوء ظنهم بربهم، كما قال تعالى:﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ
الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ
الْخَاسِرِينَ﴾ (فصلت:23)، وقال تعالى:﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ
يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ
ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً
بُوراً﴾ (الفتح:12)
وذلك لأن استشعار رحمة
الله يحبب في لقاء الله، بخلاف اليأس من رحمته، فإن الإنسان يكره لقاء من لا يحبه،
قال a:( إن شئتم أنبأتكم: ما أول ما يقول الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة
وما أول ما يقولون له؟ قلنا: نعم يا رسول الله. قال: إن الله تعالى يقول للمؤمنين
هل أحببتم لقائي؟ فيقولون: نعم يا ربنا. فيقول: لم؟ فيقولون رجونا عفوك ومغفرتك،
فيقول: قد وجبت لكم مغفرتي) [1]
ولهذا ورد الأمر بحسن
الظن بالله خاصة في موقف الاحتضار، وقد سمع النبي a قبل
[1] رواه أحمد الطبراني في الكبير وفيه عبيد الله
بن زحر وهو ضعيف.