سَدِيداً﴾ (النساء:9)، فكأن الآية تقول لهم:( كما تخشون على ورثتكم وذريتكم بعدكم، فكذلك فاخشوا
على ورثة غيركم ولا تحملوه على تبذير ماله) [1] فالخوف على الأولاد خوف رحمة لا خوف هروب.
ولهذا لم يرد في القرآن
الكريم وصف العارفين من المؤمنين إلا بالخشية، كما
قال تعالى:﴿ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾
(طـه:3)، وقال تعالى:﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ (النور:52)، وقال تعالى:﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا
يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً﴾ (الأحزاب:39)،
وقال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾
(الملك:12)، وقال تعالى:﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً
مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ
يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (الزمر:23)،
وقال تعالى:﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ (الأعلى:10)
بل نرى القرآن الكريم يجمع
الخشية مع اسم الرحمن، كما قال تعالى:﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ (قّ:33)، فسماه بالرحمن في حال خشيته ليدل أن الخشية اقتران معرفة العزة
بالرحمة.
بينما نرى القرآن
الكريم يقصر الخوف على أفعاله تعالى دون ذاته، كما قال تعالى:﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ
إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (الأنعام:15)، وقال
تعالى:﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ
لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا
يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا
يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ
عَظِيمٍ﴾ (يونس:15)، وقال تعالى:﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ