لوجد أن كل كائن
يأتيه رزقه رغداً من كل مكان، بل يَمنح سبحانه أضعفَهم وأشدّهم عجزاً ألطف الارزاق
وأحسنها، ويسعف كل مريض بما يداويه)[1]
فكسوة جميع
الأشجــار بحلل شبيـهة بالسـندس الخـضر كأنها حور الجنة، وتزيينَها بمرصعات
الازهار الجميلة والثمار اللطيفة، وتسخيرَها لخدمتنا بانتاجها ألطف الاثمار
المتنوعة وألذها في نهايات اغصانها التي هي أيديها اللطيفة.. وتمكيننا من جني
العسل اللذيذ ـ الذي فيه شفاء للناس ـ من حشرة سامة.. وإِلباسَنا أجمل ثياب
وألينها مما تحوكه حشرة بلا يد.. وادّخار خزينة رحمة عظيمة لنا في بذرة صغيرة
جداً.. كل ذلك يرينا بداهةً كرماً في غاية الجمال، ورحمة في غاية اللطف.
وهكذا عناية
الامهات بأولادهن الضعاف العاجزين ـ سواء في النبات أو الحيوان أو البشر ـ عناية
ملؤها الرأفة والرحمة وتغذيتها بالغذاء اللطيف السائغ من اللبن، تريك عظمة
التجليات، وسعة الرحمة المطلقة.
وانطلاقا من قوله
تعالى:﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ (الذريات:21)نرحل
إلى عالم النفس، وما أودع الله فيه من خزائن الرحمة، فعالم النفس هو أول عالم يرحل
منه إلى الله.
ونبدأ عالم النفس
بعالم الجنين.. ذلك الذي تتجلى فيه الرحمة الخالصة في أصفى تجلياتها.
يقول الأستاذ عبد
الرزاق نوفل في كتابه (الله والعلم الحديث):( انظر إلى الجنين كيف يتغذى في بطن
أمه، وكيف يتنفس، أو كيف يقضي حاجاته، وكيف تنمو أجهزته، أو كيف تعلق في الرحم،
وكيف أن الحبل السري الذي يربطه بأمه ليتغذى به منها قد